فصل: إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَب فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِمْ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.حُجَجُ مَنْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ النّسَبِ بِالْقَافَةِ:

قَالَتْ الْحَنَفِيّةُ: قَدْ أَجْلَبْتُمْ عَلَيْنَا فِي الْقَافَةِ بِالْخَيْلِ وَالرّجْلِ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَافَةِ تَعْوِيلٌ عَلَى مُجَرّدِ الشّبَهِ وَالظّنّ وَالتّخْمِينِ وَمَعْلُومٌ أَنّ الشّبَهَ قَدْ يُوجَدُ مِنْ الْأَجَانِبِ وَيَنْتَفِي عَنْ الْأَقَارِبِ وَذَكَرْتُمْ قِصّةَ أُسَامَةَ وَزَيْدَ وَنَسِيتُمْ قِصّةَ الّذِي وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا أَسْوَدَ يُخَالِفُ لَوْنَهُمَا فَلَمْ يُمَكّنْهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ نَفْيِهِ وَلَا جَعَلَ لِلشّبَهِ وَلَا لِعَدَمِهِ أَثَرًا وَلَوْ كَانَ لِلشّبَهِ أَثَرٌ لَاكْتَفَى بِهِ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى اللّعَانِ وَلَكَانَ يَنْتَظِرُ وِلَادَتَهُ ثُمّ يُلْحَقُ بِصَاحِبِ الشّبَهِ وَيَسْتَغْنِي بِذَلِكَ عَنْ اللّعَانِ بَلْ كَانَ لَا يَصِحّ نَفْيُهُ مَعَ وُجُودِ الشّبَهِ بِالزّوْجِ وَقَدْ دَلّتْ السّنّةُ الصّحِيحَةُ الصّرِيحَةُ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْمُلَاعِنِ وَلَوْ كَانَ الشّبَهُ لَهُ فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ وَهَذَا قَالَهُ بَعْدَ اللّعَانِ وَنَفْيِ النّسَبِ عَنْهُ فَعُلِمَ أَنّهُ لَوْ جَاءَ عَلَى الشّبَهِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنّمَا كَانَ مَجِيئُهُ عَلَى شَبَهِهِ دَلِيلًا عَلَى كَذِبِهِ لَا عَلَى لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ. قَالُوا: وَأَمّا قِصّةُ أُسَامَةَ وَزَيْدٍ فَالْمُنَافِقُونَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ مِنْ زَيْدٍ لِمُخَالَفَةِ لَوْنِهِ لَوْنَ أَبِيهِ وَلَمْ يَكُونُوا يَكْتَفُونَ بِالْفِرَاشِ وَحُكْمِ اللّهِ وَرَسُولِهِ فِي أَنّهُ ابْنُهُ فَلَمّا شَهِدَ بِهِ الْقَائِفُ وَافَقَتْ شَهَادَتُهُ حُكْمَ اللّهِ وَرَسُولِهِ فَسُرّ بِهِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِمُوَافَقَتِهَا حُكْمَهُ وَلِتَكْذِيبِهَا قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ لَا أَنّهُ أَثْبَتَ نَسَبَهُ بِهَا فَأَيْنَ فِي هَذَا إثْبَاتُ النّسَبِ بِقَوْلِ الْقَائِفِ؟ قَالُوا: وَهَذَا مَعْنَى الْأَحَادِيثِ الّتِي ذُكِرَ فِيهَا اعْتِبَارُ الشّبَهِ فَإِنّهَا إنّمَا اعْتَبَرَتْ فِيهِ الشّبَهَ بِنَسَبِ ثَابِتٍ بِغَيْرِ الْقَافَةِ وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ ذَلِكَ. قَالُوا: وَأَمّا حُكْمُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى عُمَرَ فَرُوِيَ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُمْ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنّ الْقَائِفَ لَمّا قَالَ لَهُ قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ قَالَ وَالِ أَيّهمَا شِئْت. فَلَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَ الْقَائِفِ. قَالُوا: وَكَيْفَ تَقُولُونَ بِالشّبَهِ وَلَوْ أَقَرّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَخٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ وَالشّبَهُ مَوْجُودٌ لَمْ تُثْبِتُوا النّسَبَ بِهِ وَقُلْتُمْ إنْ لَمْ تَتّفِقْ الْوَرَثَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يَثْبُتْ النّسَبُ؟

.رَدّ الْمُثْبِتِينَ عَلَى النّافِينَ:

قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ الْعَجَبِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْنَا الْقَوْلَ بِالْقَافَةِ وَيَجْعَلَهَا مِنْ بَابِ الْحَدْسِ وَالتّخْمِينِ مَنْ يُلْحِقُ وَلَدَ الْمَشْرِقِيّ بِمَنْ فِي أَقْصَى الْمَغْرِبِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنّهُمَا لَمْ يَتَلَاقَيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَيُلْحِقُ الْوَلَدَ بِاثْنَيْنِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنّهُ لَيْسَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا وَنَحْنُ إنّمَا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِقَوْلِ الْقَائِفَ الْمُسْتَنِدِ إلَى الشّبَهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَقَدْرًا فَهُوَ اسْتِنَادٌ إلَى ظَنّ غَالِبٍ وَرَأْيٍ رَاجِحٍ وَأَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ قَوْلِ الْمُقَوّمِينَ وَهَلْ يُنْكِرُ مَجِيءَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ مُسْتَنِدًا إلَى الْأَمَارَاتِ الظّاهِرَةِ وَالظّنُونِ الْغَالِبَةِ؟ وَأَمّا وُجُودُ الشّبَهِ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَانْتِفَاؤُهُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا أَسْوَدَ فَهُوَ حُجّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْعَادَةَ الّتِي فَطَرَ اللّهُ عَلَيْهَا النّاسَ اعْتِبَارُ الشّبَهِ وَأَنّ خِلَافَهُ يُوجِبُ رِيبَةً وَأَنّ فِي طِبَاعِ الْخَلْقِ إنْكَارَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمّا عَارَضَ ذَلِكَ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ الْفِرَاشُ كَانَ الْحُكْمُ لِلدّلِيلِ الْقَوِيّ وَكَذَلِكَ نَقُولُ نَحْنُ وَسَائِرُ النّاسِ إنّ الْفِرَاشَ الصّحِيحَ إذَا كَانَ قَائِمًا فَلَا يُعَارَضُ بِقَافَةِ وَلَا شَبَهٍ فَمُخَالَفَةُ ظَاهِرِ الشّبَهِ لِدَلِيلِ أَقْوَى مِنْهُ- وَهُوَ الْفِرَاشُ- غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ وَإِنّمَا الْمُسْتَنْكَرُ مُخَالَفَةُ هَذَا الدّلِيلِ الظّاهِرِ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَأَمّا تَقْدِيمُ اللّعَانِ عَلَى الشّبَهِ وَإِلْغَاءُ الشّبَهِ مَعَ وُجُودِهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا هُوَ مِنْ تَقْدِيمِ أَقْوَى الدّلِيلَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِالشّبَهِ مَعَ عَدَمِ مَا يُعَارِضُهُ كَالْبَيّنَةِ تُقَدّمُ عَلَى الْيَدِ وَالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيّةِ وَيُعْمَلُ بِهِمَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا. وَأَمّا ثُبُوتُ نَسَبِ أُسَامَةَ مِنْ زَيْدٍ بِدُونِ الْقِيَافَةِ فَنَحْنُ لَمْ نُثْبِتْ نَسَبَهُ بِالْقِيَافَةِ وَالْقِيَافَةُ دَلِيلٌ آخَرُ مُوَافِقٌ لِدَلِيلِ الْفِرَاشِ فَسُرُورُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَفَرَحُهُ بِهَا وَاسْتِبْشَارُهُ لِتَعَاضُدِ أَدِلّةِ النّسَبِ وَتَضَافُرِهَا لَا لِإِثْبَاتِ النّسَبِ بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْفَرَحِ بِظُهُورِ أَعْلَامِ الْحَقّ وَأَدِلّتِهِ وَتَكَاثُرِهَا وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ الْقِيَافَةُ دَلِيلًا لَمْ يَفْرَحْ بِهَا وَلَمْ يُسَرّ وَقَدْ كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَفْرَحُ وَيُسَرّ إذَا تَعَاضَدَتْ عِنْدَهُ أَدِلّةُ الْحَقّ وَيُخْبِرُ بِهَا الصّحَابَةَ وَيُحِبّ أَنْ يَسْمَعُوهَا مِنْ الْمُخْبِرِ بِهَا لِأَنّ النّفُوسَ تَزْدَادُ تَصْدِيقًا بِالْحَقّ إذَا تَعَاضَدَتْ أَدِلّتُهُ وَتُسَرّ بِهِ وَتَفْرَحُ وَعَلَى هَذَا فَطَرَ اللّهُ عِبَادَهُ فَهَذَا حُكْمٌ اتّفَقَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ وَالشّرْعَةُ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ. وَأَمّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنّهُ قَالَ وَالِ أَيّهمَا شِئْتُ فَلَا تُعْرَفُ صِحّتُهُ عَنْ لَكَانَ قَوْلًا عَنْهُ فَإِنّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي غَايَةِ الصّحّةِ مَعَ أَنّ قَوْلَهُ وَالِ أَيّهمَا شِئْت لَيْسَ بِصَرِيحِ فِي إبْطَالِ قَوْلِ الْقَائِفِ وَلَوْ كَانَ صَرِيحًا فِي إبْطَالِ قَوْلِهِ لَكَانَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ إذَا أَلْحَقَهُ بِاثْنَيْنِ كَمَا يَقُولُهُ الشّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ. وَأَمّا إذَا أَقَرّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَخٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ فَإِنّمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِمُجَرّدِ الْإِقْرَارِ فَأَمّا إذَا كَانَ هُنَاكَ شَبَهٌ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الْقَائِفُ فَإِنّهُ لَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُ الْبَاقِينَ وَنَحْنُ لَا نَقْصُرُ الْقَافَةَ عَلَى بَنِي مُدْلِجٍ وَلَا نَعْتَبِرُ تَعَدّدَ الْقَائِفِ بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ عَلَى الصّحِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنّهُ خَبَرٌ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنّهُ شَهَادَةٌ فَلَا بُدّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشّهَادَةِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ اللّفْظِ.

.إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَب فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِمْ:

فَإِنْ قِيلَ فَالْمَنْقُولُ عَنْ عُمَر أَنّهُ أَلْحَقَهُ بِأَبَوَيْنِ فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَبَوَيْنِ هَلْ تُلْحِقُونَهُ بِهِمَا أَوْ لَا تُلْحِقُونَهُ إلّا بِوَاحِدِ وَإِذَا أَلْحَقْتُمُوهُ بِأَبَوَيْنِ فَهَلْ يَخْتَصّ ذَلِكَ بِاثْنَيْنِ أَمْ يَلْحَقُ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا وَهَلْ حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْأَبَوَيْنِ أَمْ مَاذَا حُكْمُهُمَا؟ قِيلَ هَذِهِ مَسَائِلُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ الشّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا يَلْحَقُ بِأَبَوَيْنِ وَلَا يَكُونُ لِلرّجُلِ إلّا أَبٌ وَاحِدٌ وَمَتَى أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِاثْنَيْنِ سَقَطَ قَوْلُهَا وَقَالَ الْجُمْهُورُ بَلْ يَلْحَقُ بِاثْنَيْنِ ثُمّ اخْتَلَفُوا فَنَصّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنّا بْنِ يَحْيَى: أَنّهُ يَلْحَقُ بِثَلَاثَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَمُقْتَضَى هَذَا أَنّهُ يَلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِ وَإِنْ كَثُرُوا لِأَنّهُ إذَا جَازَ إلْحَاقُهُ بِاثْنَيْنِ جَازَ إلْحَاقُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنّهُ لَا يَقُولُ بِالْقَافَةِ فَهُوَ يُلْحِقُهُ بِالْمُدّعِينَ وَإِنْ كَثُرُوا وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ لَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَبِي يُوسُفَ فَمَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قَالَ قَدْ أَجْرَى اللّهُ سُبْحَانَهُ عَادَتَهُ أَنّ لِلْوَلَدِ أَبًا وَاحِدًا وَأُمّا وَاحِدَةً وَلِذَلِكَ يُقَالُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ فَقَطْ. وَلَوْ قِيلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ لَكَانَ ذَلِكَ مُنْكَرًا. وَعُدّ قَذْفًا وَلِهَذَا إنّمَا يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؟ وَهَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَمْ يُعْهَدْ قَطّ فِي الْوُجُودِ نِسْبَةُ وَلَدٍ إلَى أَبَوَيْنِ قَطّ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِاثْنَيْنِ احْتَجّ بِقَوْلِ عُمَرَ وَإِقْرَارِ الصّحَابَةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَبِأَنّ الْوَلَدَ قَدْ يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ كَمَا يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ الرّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثُمّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنّمَا جَاءَ الْأَثَرُ بِذَلِكَ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَتَعَدّى بِهِ ثَلَاثَةً لِأَنّ أَحْمَد إنّمَا نَصّ عَلَى الثّلَاثَةِ وَالْأَصْلُ أَلّا يُلْحَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَقَدْ دَلّ قَوْلُ عُمَرَ عَلَى إلْحَاقِهِ بِاثْنَيْنِ مَعَ انْعِقَادِهِ مِنْ مَاءِ الْأُمّ فَدَلّ عَلَى إمْكَانِ انْعِقَادِهِ مِنْ مَاءِ ثَلَاثَةٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَمَشْكُوكٌ فِيهِ. قَالَ الْمُلْحِقُونَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إذَا جَازَ تَخْلِيقُهُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ جَازَ خَلْقُهُ مِنْ مَاءِ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسَةٍ وَلَا وَجْهَ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَقَطْ بَلْ إمّا أَنْ يُلْحَقَ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا وَإِمّا أَنْ لَا يُتَعَدّى بِهِ أَحَدٌ وَلَا قَوْلٌ سِوَى الْقَوْلَيْنِ وَاللّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ قِيلَ إذَا اشْتَمَلَ الرّحِمُ عَلَى مَاءِ الرّجُلِ وَأَرَادَ اللّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهُ الْوَلَدَ انْضَمّ عَلَيْهِ أَحْكَمَ انْضِمَامٍ وَأَتَمّهُ حَتّى لَا يَفْسُدَ فَكَيْفَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَاءٌ آخَرُ؟ قِيلَ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ الثّانِي إلَى حَيْثُ وَصَلَ الْأَوّلُ فَيَنْضَمّ عَلَيْهِمَا وَهَذَا كَمَا أَنّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ الْأَبَوَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ مَاءُ الرّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَمَعَ هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ وُصُولُ الْمَاءِ الثّانِي إلَى حَيْثُ وَصَلَ الْأَوّلُ وَقَدْ عُلِمَ بِالْعَادَةِ أَنّ الْحَامِلَ إذَا تُوبِعَ وَطْؤُهَا جَاءَ الْوَلَدُ عَبْلُ أَلْهَمَ اللّهُ سُبْحَانَهُ الدّوَابّ إذَا حَمَلَتْ أَنْ لَا تُمَكّنَ الْفَحْلَ أَنْ يَنْزُوَ عَلَيْهَا بَلْ تَنْفِرُ عَنْهُ كُلّ النّفَارِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إنّ الْوَطْءَ الثّانِيَ يَزِيدُ فِي سَمْعِ الْوَلَدِ وَبَصَرِهِ وَقَدْ شَبّهَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِسَقْيِ الزّرْعِ وَمَعْلُومٌ أَنّ سَقْيَهُ يَزِيدُ فِي ذَاتِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ.

.لَوْ اسْتَلْحَقَ الزّانِي وَلَدًا لَا فِرَاشَ هُنَاكَ يُعَارِضُهُ فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ:

فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ دَلّ الْحَدِيثُ عَلَى حُكْمِ اسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَعَلَى أَنّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ فَمَا تَقُولُونَ لَوْ اسْتَلْحَقَ الزّانِي وَلَدًا لَا فِرَاشَ هُنَاكَ يُعَارِضُهُ هَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَيَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ النّسَبِ؟ قِيلَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَلِيلَةٌ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا فَكَانَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ يَذْهَبُ إلَى أَنّ الْمَوْلُودَ مِنْ الزّنَى إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشٍ يَدّعِيهِ صَاحِبُهُ وَادّعَاهُ الزّانِي أُلْحِقَ بِهِ وَأُوّلَ قَوْلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ عَلَى أَنّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ عِنْدَ تَنَازُعِ الزّانِي وَصَاحِبِ الْفِرَاشِ كَمَا تَقَدّمَ وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ رَوَاهُ عَنْهُ إسْحَاقُ بِإِسْنَادِهِ فِي رَجُلٍ زَنَى بِامْرَأَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادّعَى وَلَدَهَا فَقَالَ يُجْلَدُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَهَذَا مَذْهَبُ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ذَكَرَ عَنْهُمَا أَنّهُمَا قَالَا: أَيّمَا رَجُلٍ أَتَى إلَى غُلَامٍ يَزْعُمُ أَنّهُ ابْنٌ لَهُ وَأَنّهُ زَنَى بِأُمّهِ وَلَمْ يَدّعِ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَحَدُ فَهُوَ ابْنُهُ وَاحْتَجّ سُلَيْمَانُ بِأَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيّةِ بِمَنْ ادّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَام وَهَذَا الْمَذْهَبُ كَمَا تَرَاهُ قُوّةً وَوُضُوحًا وَلَيْسَ مَعَ الْجُمْهُورِ أَكْثَرُ مِنْ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَصَاحِبُ هَذَا الْمَذْهَبِ أَوّلُ قَائِلٍ بِهِ وَالْقِيَاسُ الصّحِيحُ يَقْتَضِيهِ فَإِنّ الْأَبَ أَحَدُ الزّانِيَيْنِ وَهُوَ إذَا كَانَ يُلْحَقُ بِأُمّهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهَا وَتَرِثُهُ وَيَرِثُهَا وَيَثْبُتُ النّسَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِ أُمّهِ مَعَ كَوْنِهَا زَنَتْ بِهِ وَقَدْ مَاءِ الزّانِيَيْنِ وَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ وَاتّفَقَا عَلَى أَنّهُ ابْنُهُمَا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ لُحُوقِهِ بِالْأَبِ إذَا لَمْ يَدّعِهِ غَيْرُهُ؟ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَقَدْ قَالَ جُرَيْجٌ لِلْغُلَامِ الّذِي زَنَتْ أُمّهُ بِالرّاعِي: مَنْ أَبُوك يَا غُلَامُ؟ قَالَ فُلَانٌ الرّاعِي وَهَذَا إنْطَاقٌ مِنْ اللّهِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَذِبُ. فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمٌ؟ قِيلَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهَا حَدِيثَانِ نَحْنُ نَذْكُرُ شَأْنَهُمَا.

.فَصْلٌ ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي اسْتِلْحَاقِ وَلَدِ الزّنَى وَتَوْرِيثِهِ:

ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَام مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ وَمَنْ ادّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةِ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ». الْمُسَاعَاةُ الزّنَى وَكَانَ الْأَصْمَعِيّ يَجْعَلُهَا فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ لِأَنّهُنّ يَسْعَيْنَ لِمَوَالِيهِنّ فَيَكْتَسِبْنَ لَهُمْ وَكَانَ عَلَيْهِنّ ضَرَائِبُ مُقَرّرَةٌ فَأَبْطَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُلْحِقْ النّسَبَ بِهَا وَعَفَا عَمّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيّةِ مِنْهَا وَأَلْحَقَ النّسَبَ بِهِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ يُقَالُ زَنَى الرّجُلُ وَعَهَرَ فَهَذَا قَدْ يَكُونُ فِي الْحُرّةِ وَالْأَمَةِ وَيُقَالُ فِي الْأَمَةِ خَاصّةً قَدْ سَاعَاهَا. وَلَكِنْ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجّةٌ. وَرَوَى أَيْضًا فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَضَى أَنّ كُلّ مُسْتَلْحَقٍ اُسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الّذِي يُدْعَى لَهُ ادّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنّ كُلّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِمّا قُسّمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقَسّمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لَا يُلْحَقُ وَلَا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادّعَاهُ فَهُوَ مِنْ وَلَدِ زَنْيَةٍ مِنْ حُرّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ وَهُوَ وَلَدُ زِنًى لِأَهْلِ أُمّهِ مَنْ كَانُوا حُرّةً أَوْ أُمّةً. وَذَلِكَ فِيمَا اُسْتُلْحِقَ فِي أَوّلِ الْإِسْلَام فَمَا اقْتَسَمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَام فَقَدْ مَضَى وَهَذَا لِأَهْلِ الْحَدِيثِ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيّ.
وَكَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيّةِ لَهُمْ إمَاءٌ بَغَايَا فَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ أَحَدِهِمْ وَقَدْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِالزّنَى فَرُبّمَا ادّعَاهُ سَيّدُهَا وَرُبّمَا ادّعَاهُ الزّانِي وَاخْتَصَمَا فِي ذَلِكَ حَتّى قَامَ الْإِسْلَامُ فَحَكَمَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْوَلَدِ لِلسّيّدِ لِأَنّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ وَنَفَاهُ عَلَى الزّانِي. ثُمّ تَضَمّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أُمُورًا. مِنْهَا: أَنّ الْمُسْتَلْحَقَ إذَا اُسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الّذِي يُدْعَى لَهُ ادّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا الْوَاطِئُ يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ يَعْنِي إذَا كَانَ الّذِي اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَةُ مَالِكِ الْأَمَةِ وَصَارَ ابْنَهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ لَيْسَ لَهُ مِمّا قُسّمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ لِأَنّ هَذَا تَجْدِيدُ حُكْمِ نَسَبِهِ وَمِنْ يَوْمئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا اُقْتُسِمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ إذْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْبُنُوّةِ ثَابِتًا وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقَسّمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ لِأَنّ الْحُكْمَ ثَبَتَ قَبْلَ قَسْمِهِ الْمِيرَاثَ فَيَسْتَحِقّ مِنْهُ نَصِيبَهُ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قَسْمِهِ قُسِمَ لَهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَثُبُوتُ النّسَبِ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ بِالنّسْبَةِ إلَى الْمِيرَاثِ. قَوْلُهُ وَلَا يَلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ هَذَا يُبَيّنُ أَنّ التّنَازُعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَنّ الصّورَةَ الْأُولَى أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ وَرَثَةُ أَبِيهِ الّذِي كَانَ يُدْعَى لَهُ وَهَذِهِ الصّورَةُ إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَتُهُ وَأَبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ كَانَ يُنْكِرُ فَإِنّهُ لَا يُلْحَقُ لِأَنّ الْأَصْلَ الّذِي الْوَرَثَةُ خَلَفٌ عَنْهُ مُنْكِرٌ لَهُ فَكَيْفَ يُلْحَقُ بِهِ مَعَ إنْكَارِهِ؟ فَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا أَمّا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لَا يُلْحَقُ وَلَا يَرِثُ وَإِنْ ادّعَاهُ الْوَاطِئُ وَهُوَ وَلَدٌ زَنْيَةٍ مِنْ أَمَةٍ كَانَ أَوْ مِنْ حُرّةٍ وَهَذَا حُجّةُ الْجُمْهُورِ عَلَى إسْحَاقَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إنّهُ لَا يَلْحَقُ بِالزّانِي إذَا ادّعَاهُ وَلَا يَرِثُهُ وَأَنّهُ وَلَدُ زِنًى لِأَهْلِ أُمّهِ مَنْ كَانُوا حُرّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. وَأَمّا مَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَام فَقَدْ مَضَى فَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدّ قَوْلَ إسْحَاقَ وَمَنْ وَافَقَهُ لَكِنّ فِيهِ مُحَمّدَ بْنَ رَاشِدٍ وَنَحْنُ نَحْتَجّ بِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَلَا يُعَلّلُ الْحَدِيثُ بِهِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ تَعَيّنَ الْقَوْلُ بِمُوجَبِهِ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَإِلّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ إسْحَاقَ وَمَنْ مَعَهُ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ.